نجح المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في انتزاع بطاقة التأهل إلى مونديال "روسيا 2018" لكرة القدم، مساء اليوم السبت، على أرضية ملعب "فيليكس هوفويت بوانيي" بأبيدجان الإيفوارية، بعد تحقيقه نتيجة الانتصار بـ(0 ـ 2) في مواجهته منتخب "الفيلة"، ضمن الجولة السادسة والأخيرة من منافسات المجموعة الإقصائية الإفريقية الثالثة، متصدرا الترتيب النهائي أمام منافسيه.
"لقاء الحسم" أداره الحكم الغامبي باكاري غاساما، وسط حرارة معادلة لـ30 درجة مئوية تحت سماء غائمة و73 بالمائة من الرطوبة، في ملعب أبيدجان البالغ طوله 105 أمتار مقابل عرض بـ68 مترا، والذي تستطيع مدرجاته استقبال 35 ألف متفرج كان فيها الآلاف من المغاربة، هذا اليوم، الذين لم يبخلوا بتشجيعاتهم على "أسود الأطلس"، ليعانق المغرب نهائيات المونديال بعد 20 سنة من الغياب عن هذه المحطة التنافسية التي تشد إليها أنظار العالم.
وشد الصِّدام الكروي المغربي الإيفواري أعصاب مشجعي "الأسود" و"الفيلة" قبل أسابيع من حلول موعده، خاصة أن المنتخب الوطني المغربي كان بإمكانه جعل اللقاء شكليا لو حقق انتصارا في الجولة الرابعة من الإقصائيات، بدل اكتفائه بتعادل أبيض أمام مضيفه المالي؛ حين انهزم "الفيلة" على أرضهم وأمام جمهورهم أمام "فهود الغابون"، كما ضيع المغرب نقطتين ثمينتين في الجولة الأولى، يوم 12 نونبر 2016، بحصد "أسود الأطلس" تعادلا مع الإيفواريين بـ(0ـ0) في ملعب مراكش.
خيارات هيرفي رونار ارتأت افتتاح مواجهة المنتخب الإيفواري بتشكيلة مغربية أساسية قوامها الحارس منير المحمدي، إلى جوار المهدي بنعطية وسايس غانم ونبيل درار وأشرف حكيمي، زيادة على امبارك بوصوفة وكريم الأحمدي ويونس بلهندة، ثم نور الدين أمرابط وحكيم زياش وخالد بوطيب. أما المنتخب المستقبِل فقد أشرك في بداية اللقاء كلا من سيلفان جبوهو وسيرج كانون وجون فيليب وفرانك كيسي، وسيرج أوريي ومحمد فوفانا وسيمون ديلي وجيرفينيو، إضافة إلى سيدو دومبيا وماكس غراديل وويلفريد زاها.
منتخب الكوت ديفوار اختار الأخذ بزمام المبادرة منذ البداية، بتفضيله إعطاء انطلاق المقابلة بالكرة في أرجل لاعبيه، وتعريض دفاع المغاربة للضغط منذ الدقائق الأولى ، غير أن "أسود الأطلس" استحضروا حرصا دفاعيا عاليا في نجاحهم بإغلاق المنافذ أمام خصمهم، بينما امتنع الحكم الغامبي عن إعلان ضربة جزاء للمنتخب الضيف، في الدقيقة الرابعة، بعدما تمت عرقلة حكيم زياش وسط "منطقة 18 مترا"، حين كان قد شارف على إنهاء مهمته في اختراق الجبهة اليمنى من دفاع الإيفواريين.
وفي الدقيقة الـ14 كاد امبارك بوصوفة أن ينسل نحو مرمى الحارس جبوهو، متابعا تمريرة خاطئة لمدافعي "الفيلة"، لكنه أسقِط على مشارف منطقة الجزاء، مصطادا ضربة خطأ حرة ارتطمت الكرة، خلال تنفيذها، بحائط الصد "البرتقالي" حين كانت قاصدة الشباك من قدم حكيم زياش. وكان الرد على هذه المحاولة من القدم اليمنى لجيرفينيو، الذي شق طريقه وسط قلب دفاع المنتخب المغربي الذي كان يرتدي الزي الأبيض، متحكما في الكرة خلال الدقيقة 17، قبل تسديدها، فاعتلت شباك منير المحمدي بسنتيمترات قليلة.
المدافع غانم سايس اضطر إلى التدخل بقوة ضد المهاجم زها، في الدقيقة 22، بعدما استفرد بمنير المحمدي، مانحا "الفيلة" ضربة خطأ تبعد 19 مترا عن الشباك المغربية، لكن تنفيذها لم يحمل مستجدا بعدما ارتطمت الكرة برأس بنعطية المتموقع يسار الجدار الدفاعي لـ"أسود الأطلس". أما الرد فقد كان صادما للكوت ديفوار بهدف وقعه نبيل درار، في الدقيقة 25، بعدما مرّر كرة عالية نحو رأس خالد بوطيب، اتجهت مباشرة إلى شباك المضيفين، محققة الهدف الأول للمنتخب الوطني المغربي.
وكاد المنتخب الإيفواري، في الدقيقة 27، وسط غمرة الابتهاج المغربي بهدف التقدم، أن يعادل النتيجة، مستغلا خروجا خاطئا للحارس منير المحمدي، الذي فشل في قطع كرة عرضية، لكن التمريرة الموجة صوب قلب هجوم "الفيلة" تم اعتراضها من لدن النخبة الوطنية على بعد سنتيمترات من خط المرمى. وكان زياش قد أوشك على مضاعفة غلة "أسود الأطلس" من الأهداف، في الدقيقة 30، عبر ضربة خطأ نفذها بشكل مباشر نحو القائم الأيمن لحارس الكوت ديفوار الذي نجح في تحويلها إلى ضربة زاوية.
الهدف المغربي الثاني حمل بصمات المهدي بنعطية، عميد المنتخب الوطني المغربي، الذي استغل كرة امبارك بوصوفة الذي نفذ ركنية، في الدقيقة 30 أيضا، فوضع الكرة الواقعة أمام قدمه اليمنى في شباك الكوت ديفوار، مخلفا بهذه الإصابة الثانية صدمة لدى جماهير النخبة الإيفوارية، ومطلقا هيستيريا فرح عارم بملعب "فيليكس هوفويت بوانيي".
واستمر الأخذ والرد بين الطرفين على إيقاع التفوق المغربي، خلال باقي دقائق الشوط الأول، بتراجع دفاعي نسبي أملته استراتيجية هيرفي رونار، أمام خلط إيفواري بين ضرورة الإسراع وعدم جدوى التسرّع. كما لجأ "الفيلة" إلى اللعب المباشر أمام استحالة بنائهم هجماتهم أمام حرص المغاربة على تجنيب شباكهم الاهتزاز. وقد أعلن الحكم، بعد إضافة دقيقة واحدة إلى الوقت الأساسي للجولة الاولى، عن فترة استراحة بمستودعات الملابس قبل استئناف التباري في شوطه الثاني.
العودة إلى المنافسة، في دقائقها الـ45 الموالية، حملت محاولة تهديفية خطيرة لإحراز الهدف المغربي الثالث، في الدقيقة 47، من امبارك بوصوفة، الذي تعامل مع تمريرة لنور الدين أمرابط، عقب خروج خاطئ للحارس الإيفواري، لكن تسديدته شهدت تدخل مدافعي "الفيلة" من أجل إبعاد تسديدة بوصوفة عن المرمى الفارغ.
المنتخب الإيفواري حرك ظهيريه الدفاعين لمساندة جناحيه الهجومين في محاولة لاستدراك التأخر في النتيجة بهدفين وسط دياره، مع تقدم وسط ميدانه لنقل الضغط باستمرار نحو الخط الخلفي للمنتخب المغربي، بينما لجأ "أسود الأطلس" إلى التقارب بين لاعبيه لخنق المهارات الفردية للخصوم، وتفادي محاولات الوصول إلى عرين المحمدي، ومواجهة الاندفاع البدني الذي طالهم خلال الثلث الأول من الشوط الثاني.
الدقيقة 58 شهدت محاولة خطيرة مغربية إضافية، من رأسية للعميد المهدي بنعطية، حيث اعتلى دفاع الكوت ديفوار لبلوغ تمريرة من حكيم زياش، الذي تكلف بتنفيذ ضربة خطأ مباشرة على بعد 30 مترا من شباك الخصم، لكن ضربته خادعت الحارس قبل إبعادها من قبل الدفاع. فيما حاول زياش، خلال الدقيقة 59، إرسال كرة ملتفة صوب القائم الإيفواري الأيمن، بعد نيل تمريرة خلفية من خالد بوطيب، لكن جبوهو التقطها بين ذراعيه دون صعوبة.
الهدف الثالث أهدر مجددا، في الدقيقة 64، من لدن حكيم زياش، بعد مجهود بدني فردي من أمرابط، حين تلقى كرة أثناء انفراده بالحارس دون أن يحولها إلى الشباك. وقام الإيفواريون برد فوري، لكن البديل ماكسوير كورنت أخطأ بتسديدته نحو المحمدي، حين تموقع في "نقطة ضربة الجزاء"، حيث أرسل الكرة أعلى المرمى. ثم رجع أمرابط إلى استهداف الخصوم بتواجد قبالة حارسهم، في الدقيقة 69، لكن لمسته الأخيرة تصدى لها جبوهوو بوضع كامل جسمه أمام الكرة.
البديل أشرف بنشرقي، الذي أدخله رونار للتباري في الدقائق 15 الأخيرة من اللقاء عوض خالد بوطيب، ضخ حيوية إضافية في صفوف المنتخب الوطني، مستغلا حماسته في فرملة الفورة الهجومية الإيفوارية، وفاتحا المجال أما أجنحة "أسود الأطلس" للقيام بطلعات ارتدادية.
وبملامح مصدومة، واصل الإيفواريون خوض الدقائق الخمس الأخيرة من اللقاء، دون أن يفلحوا في الوصول إلى "هدف الشرف" في شباك "أسود الأطلس"، متأثرين بصافرات الاستهجان الصادرة عن جماهير "الفيلة". بينما واصل المنتخب المغربي تدبيره زمن المنافسة إلى غاية إطلاق الحكم الغامبي صافرة نهاية المواجهة بتألق مغربي نتيجة وأداء.
وبهذا يكون المنتخب الوطني المغربي قد ضمن مقعدا له بين المنتخبات الـ32 التي تشارك في النسخة الروسية من نهائيات كأس العالم، في انتظار تعرفه على منافسيه في المونديال من خلال القرعة، التي ستجرى يوم 1 دجنبر المقبل بقصر الكريملين بموسكو. وقد حدد مستهل التباري في أكبر تظاهرة عالمية لكرة القدم يوم 14 يونيو 2018، بلقاء الافتتاح الذي سيخوضه المنتخب الروسي على أرضية ملعب "أولمبيسكس كومبليكس لوزنيكي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق